كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


6121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم إقامة الجمعة في القرى‏؟‏ وهل يشترط أن تكون بالأمصار‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الجمعة يصح أن تقام بالقرى ولا يشترط أن تكون بالأمصار؛ لأن اشتراط أن تكون بالأمصار ليس له دليل لا من كتاب الله، ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما لا دليل له فإنه ليس بشيء؛ لأن التشريع والشروط في التشريع ومقتضيات الصحة، ومقتضيات البطلان كلها إنما تتلقى من الشرع، فإذا لم يوجد لها دليل من الشرع فهي مردودة على قائلها، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَْخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ‏}‏‏.‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ‏(‏ ‏.‏

ومن أثبت شروطاً ليست في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كانت تلك الشروط في العبادات، أو في المعاملات فإنها شروط مردودة عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مئة شرط‏)‏ ‏.‏

وهؤلاء الذين في القرى مستوطنين، هؤلاء مخاطبون بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏ فيجب عليهم إقامة الجمعة في أماكنهم‏.‏

أما المسافرون فإنه لا جمعة عليهم إذا لم يكونوا في بلاد تقام فيها الجمعة، فهم في طريقهم في السفر لا يصلون الجمعة، وكذلك لو مروا ببلد لا تقام فيها الجمعة فلا جمعة عليهم، أما إذا مر المسافر في بلد تقام فيه الجمعة وأقام يوم الجمعة في ذلك البلد فإنه يجب عليه حضورها، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏ فهذا المسافر مؤمن فيدخل في الخطاب‏.‏

أما العدد المعتبر في الجمعة فأصح المذاهب في ذلك مذهب أبي حنيفة رحمه الله وهو أن العدد المعتبر ثلاثة فقط، وليس اثني عشر، ولا أربعين رجلاً، فإذا وجد في هذه القرية ثلاثة مستوطنون فإن الجمعة تلزمهم وتنعقد بهم وتصح؛ لأنه لا دليل على اشتراط ما زاد على الثلاثة، والأحاديث الواردة في ذلك إنما هي قضايا أعيان وقعت اتفاقاً لا قصداً وما كان كذلك فهي لا تدل على الاشتراط‏.‏

* * *

7121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ أنا أسكن في قرية يبلغ سكانها من الرجال واحداً ًوعشرين رجلاً بالغين مقيمين بها، ولكنهم لا يقيمون صلاة الجمعة، وقد حاولت فيهم أن نصلي الجمعة وأنا مستعد للخطبة بهم والصلاة بهم فأنا أقرؤهم لكتاب الله ولكنهم يرفضون ذلك بحجة أن صلاة الجمعة يلزم لوجوبها عدد أربعين من أهلها، فما الحكم في مثل هذه الحالة هل هم على حق أم أنا وعليهم طاعتي في هذا‏؟‏ أفيدونا بارك الله فيكم‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه أجمعين‏.‏

الجواب على هذا السؤال يبنى على اختلاف أقوال أهل العلم، وذلك أن العلماء اختلفوا رحمهم الله هل يشترط للجمعة عدد معين أو لا يشترط أن يكون معيناً بالأربعين‏؟‏

فمن أهل العلم من يقول‏:‏ إن الجمعة لا تصح حتى يوجد أربعين من أهل وجوبها مستوطنين بالمكان الذي تقام به، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله‏.‏

ومنهم من يقول‏:‏ تجب إقامة الجمعة إذا وجد في المكان اثني عشر رجلاً مستوطناً فيه‏.‏

ومنهم من يقول‏:‏ تجب إقامة الجمعة إذا وجد ثلاثة فأكثر مستوطنين في هذا المكان‏.‏

والقول الراجح‏:‏ أنها تقام الجمعة إذا وجد في القرية ثلاثة فأكثر مستوطنين؛ لأن الأدلة التي استدل بها من يشترطون الاثني عشر، أو الأربعين ليست واضحة في الاستدلال، والأصل وجوب الجمعة، فلا يعدل عنه إلا بدليل بيِّن، ذلك أن الذين استدلوا بأنه لابد من اثني عشر استدلوا‏:‏ بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس يوم الجمعة، فقدمت عير من الشام فانصرف الناس إليها وانفضوا، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثني عشر رجلاً‏.‏

والذين استدلوا على اشتراط الأربعين استدلوا‏:‏ بأن أول جمعة جمعت في المدينة كان عدد المقيمين بها أربعين رجلاً‏.‏ ومن المعلوم أن العدد في الأول، والعدد في الثاني إنما كان اتفاقاً، بمعنى أنه أقيمت الجمعة فكان الاتفاق أي الذي وافق العدد أربعين رجلاً، وكذلك الذين انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان الاتفاق أن يبقى منهم اثنا عشر رجلاً، مثل هذا لا يمكن أن يستدل به على أنه شرط، إذ من الممكن أن يقال‏:‏ لو أقيمت الجمعة وكان أقل فليس عندنا دليل على أن الجمعة لا تصح، كما أنه لو بقي أكثر من اثني عشر، أو كان عند إقامة الجمعة أكثر من أربعين، لم يمكننا أن نقول أنه يشترط أن يزيدوا على اثني عشر، أو يزيدوا عن أربعين، على هذا فنرجع إلى أقل جمع ممكن وهو للجمعة ثلاثة لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏ ومعلوم أن المنادي ينادي لحضور الخطيب، فيكون المنادي، والخطيب، والمأمور يسعى إلى الجمعة، وأقل ما يمكن في ذلك ثلاثة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو الراجح‏.‏

أما قضيتكم المعنية في هذه القرية التي في ‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ فالذي أرى أن تراجع المسؤولين عن شؤون المساجد لدى الجمهورية ثم تمشوا على ما يوجهونكم إليه‏.‏

* * *

8121 سئل فضيلة الشيخ‏:‏ بعض العمال لا يأذن لهم كفلاؤهم بصلاة الجمعة بحجة أنهم حراس في المزرعة، وقد قالوا لي‏:‏ تكلم في الجمعة على كفلائهم أن يأذنوا لهم فما رأيكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان هؤلاء العمال بعيدين عن المسجد بحيث لا يسمعون النداء لولا مكبر الصوت وهم خارج البلد فإن الجمعة لا تلزمهم، ويطمئن العمال بأنه لا إثم عليهم في البقاء في المزرعة، ويصلون ظهراً،ويشار على كفيلهم أن يأذن لهم، لأن في ذلك خيراً له وخيراً لهم، وتطييباً لقلوبهم، وربما يكون ذلك سبباً في نصحهم إذا قاموا بالعمل، بخلاف ما إذا لم يأذن لهم، وكثير من العمال يطلبون صلاة الجمعة من أجل أن يلتقوا بأصحابهم ومعارفهم، ولهذا تجدهم يأتون إلى الجمعة ويتحدثون في السوق يتحدثون إلى أن يحضر الإمام، فإذا حضر الإمام دخلوا المسجد‏.‏

والمدار على ما سبق إذا سمعوا النداء لولا مكبر الصوت وهم في البلد فليحضروا، وإذا كانوا خارج البلد فليس عليهم شيء‏.‏

* * *

9121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يجوز للمسلم أن يصلي في بيته الجمعة إذا كان يسمع صوت الإمام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز أن تؤدى صلاة الجمعة إلا مع المسلمين في المسجد، ولكن إذا امتلأ المسجد واتصلت الصفوف في الشوارع فلا حرج في الصلاة في الشوارع لأجل الضرورة، وأما أن يصلي الإنسان في بيته، أو في دكانه فإنه لا يجوز ولا يحل له ذلك؛ لأن المقصود من الجمعة والجماعة أيضاً أن يحضر المسلمون بعضهم إلى بعض، وأن يكونوا أمة واحدة، فيحصل فيهم التآلف والتراحم، ويتعلم جاهلهم من عالمهم، ولو أنا فتحنا الباب لكل أحد وقلنا‏:‏ صلِّ على المذياع، أو صل على مكبر الصوت وأنت في بيتك لم يكن لبناء المساجد وحضور المصلين فائدة؛ ولأنه يؤدي إلى ترك الجمعة والجماعة لو فتح هذا الباب‏.‏

* * *

0221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ماذا يفعل الإنسان إذا جاء يوم الجمعة والإمام في التشهد من صلاة الجمعة‏؟‏‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا جاء الإنسان والإمام في التشهد في صلاة الجمعة فقد فاتته الجمعة فيدخل مع الإمام ويصلي ظهراً أربعاً؛ لأن الجمعة قد فاتته لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة‏)‏، فإن مفهومه أن من أدرك أقل من ذلك لم يكن مدركاً للصلاة‏.‏

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك‏)‏ ‏.‏ أي‏:‏فقد أدرك صلاة الجمعة إذا أتى بالركعة الثانية‏.‏

* * *

الصفوف في الشوارع فلا حرج في الصلاة في الشوارع لأجل الضرورة، وأما أن يصلي الإنسان في بيته، أو في دكانه فإنه لا يجوز ولا يحل له ذلك؛ لأن المقصود من الجمعة والجماعة أيضاً أن يحضر المسلمون بعضهم إلى بعض، وأن يكونوا أمة واحدة، فيحصل فيهم التآلف والتراحم، ويتعلم جاهلهم من عالمهم، ولو أنا فتحنا الباب لكل أحد وقلنا‏:‏ صلِّ على المذياع، أو صل على مكبر الصوت وأنت في بيتك لم يكن لبناء المساجد وحضور المصلين فائدة؛ ولأنه يؤدي إلى ترك الجمعة والجماعة لو فتح هذا الباب‏.‏

* * *

0221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ماذا يفعل الإنسان إذا جاء يوم الجمعة والإمام في التشهد من صلاة الجمعة‏؟‏‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا جاء الإنسان والإمام في التشهد في صلاة الجمعة فقد فاتته الجمعة فيدخل مع الإمام ويصلي ظهراً أربعاً؛ لأن الجمعة قد فاتته لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة‏)‏، فإن مفهومه أن من أدرك أقل من ذلك لم يكن مدركاً للصلاة‏.‏

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك‏)‏ ‏.‏ أي‏:‏فقد أدرك صلاة الجمعة إذا أتى بالركعة الثانية‏.‏

* * *

1221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، أفتونا جزاكم الله خيراً في هذه المسألة‏:‏ حصل أن سها الخطيب وخطب بالناس خطبة واحدة، صلى بعدها بالناس، والسؤال يا فضيلة الشيخ هو‏:‏ هل هذه الجمعة صحيحة أم لا‏؟‏ وهل تلزم الإعادة للإمام والمأمومين، أم الإمام فقط، فيصليها ظهراً‏؟‏ وفقكم الله وسدد خطاكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يجب على الإمام والمأمومين أن يعيدوها ظهراً‏.‏ 42/3/6141ه‏.‏

* * *

2221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أنه يشترط لصحة خطبة الجمعة‏:‏ البداءة بالحمد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة آية، والوصية بتقوى الله، ونرى قلة قليلة من الخطباء لا يتقيدون بذلك مما يحدث بعض البلبلة في صفوف المصلين فما توجيهكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏إذا كان جماعة المسجد يرون ذلك فإن من الحكمة مراعاتهم في ذلك؛ لأن ذلك ليس بمحرم، ومراعاة الناس في مثل ذلك مما جاءت به الشريعة، فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مراعاة لأحوال الناس‏.‏

ولا شك أن البداءة بالحمد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة آية، والأمر بالتقوى من كمال الخطبة، فكل ما كان من الكمال فهو مطلوب‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم‏.‏ حفظه الله تعالى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قرأت كتابكم المؤرخ في 1/2/1241ه وفيه مسائل‏:‏

المسألة الأولى‏:‏ تفريق السورة الواحدة بين الركعتين، وهذا جائز ولا منع فيه، وقد جاءت به السنة، وعمل الناس عليه قديماً وحديثاً‏.‏

المسألة الثانية‏:‏ القراءة من أثناء السورة وهذا قد ثبتت به السنة في النافلة ‏(‏في سنة الفجر‏)‏ وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، ولهذا لما ذكر الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر على راحلته قالوا‏:‏ ‏(‏غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة‏)‏، وهذا يدل على أنهم يعتبرون ما ثبت في النفل ثابتاً في الفرض، فذكروا هذا القيد لئلا يلحق أحد الفريضة بالنافلة في هذا الحكم‏.‏

المسألة الثالثة‏:‏ ذكرتم في أثناء كلامكم أن رأيي منع الإمام من قراءة بعض السورة، وأنا لست أرى هذا، بل أرى أن للمصلي أن يقرأ سورة كاملة، أو بعض سورة من أولها، أو آخرها، أو وسطها لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَى وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الأَْرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتُواْ الزَّكَوةَ وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَِنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏ لكن الأفضل أن يقرأ من المفصل حسب التفصيل المعروف، ليسهل حفظه على المأمومين؛ ولأن الغالب أنه محفوظ عند كثير من المصلين فيفتحون على الإمام إذا أخطأ‏.‏

المسألة الرابعة‏:‏ هل القتل بالكهرباء قتل بالنار‏؟‏

وجوابه‏:‏ أنه ليس قتلاً بالنار، ودليل ذلك أنه لا يحترق المقتول ولا ثيابه، وإنما قتل بالصعق صعق الكهرباء فيجمد الدم ويتوقف نهائياً‏.‏

المسألة الخامسة‏:‏ الضابط في الاستشهاد بالشعر في خطبة الجمعة أن لا يكثر منه، وأن يكون مناسباً للموضوع ‏(‏موضوع الخطبة‏)‏ وأن لا يكون من شعر من لا خير فيه من شعراء العصر أو غيرهم؛ لأن في إنشاد شعره رفعة له، وتغريراً للناس بالشاعر‏.‏

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 61/4/1241ه‏.‏

* * *

شرح خطبة الحاجة

الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‏.‏

أما بعد‏:‏ فإننا في هذا اللقاء نتكلم عن معاني هذه الخطبة التي ابتدأنا بها حديثنا، التي تسمى‏:‏ خطبة الحاجة، والتي علمها النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، كي يبدءوا بها كلامهم وخطبهم‏.‏

‏(‏إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره‏)‏ ‏.‏ الحمد‏:‏ وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيماً وإجلالاً، فإذا وصفت ربك بالكمال، فهذا هو الحمد، لكن لابد أن يكون مصحوباً بالمحبة والتعظيم والإجلال، لأنه إن لم يكن مصحوباً بذلك سمي مدحاً لا حمداً، ومن ثم نجد بعض الشعراء يمدحون بعض الناس مدحاً عظيماً بالغاً، لكن لو فتشت عن قلبه لوجد أنه خال من محبة هذا الشخص، ولكنه يمدحه إما لرجاء منفعة، أو لدفع مضرة‏.‏

أما حمدنا لله عز وجل فإنه حمد محبة وتعظيم وإجلال، إذ أن محبة الله تعالى فوق كل محبة، ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق محبة كل مخلوق، ولهذا يجب علينا أن يكون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا مما سواهما، يجب علينا أن تكون محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فوق محبة أنفسنا، وأهلنا، ووالدينا، وأولادنا، أما الله تعالى فلما له من الكمال والإفضال، فنعمه علينا لا تحصى، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ ‏}‏‏.‏ وقال عز وجل‏:‏ ‏{‏وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏‏.‏ وأما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلأنه أعظم الناس حقاً علينا، به هدانا الله، وبه أرشدنا، وبه دلنا على كل خير، به بُين لنا كل شر، به استدللنا على صراط ربنا عز وجل الموصل إلى دار كرامته ورضوانه‏.‏

فلهذا من لم يكن قلبه مملوءاً من محبة الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن مقدماً لمحبة الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم على من سواهما، فليعلم أن في قلبه مرضاً، وليحرص على أن يعالج هذا المرض‏.‏ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‏:‏ ‏(‏ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان‏:‏ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما‏)‏، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين‏)‏ ‏.‏

إذاً الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم والإجلال هذا هو الحمد، وإذا كررت هذا الوصف سمي ثناء، وعليه فالثناء تكرار وصف المحمود بالكمال، ويدل على هذا الفرق ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال‏:‏ ‏(‏قال الله تعالى‏:‏ قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال‏:‏ الحمد لله رب العالمين، قال الله حمدني عبدي، وإذا قال‏:‏ الرحمن الرحيم، قال‏:‏ أثنى علي عبدي، وإذا قال‏:‏ مالك يوم الدين، قال‏:‏ مجَّدني عبدي‏)‏ ‏.‏

تصور أن الله عز وجل يناجيك وأنت في صلاتك، يسمعك من فوق سبع سموات ويرد عليك، إذا قلت‏:‏ الحمد لله رب العالمين‏.‏ قال الله‏:‏ حمدني عبدي، وإذا قلت‏:‏ الرحمن الرحيم‏.‏ قال‏:‏ أثنى علي عبدي، وإذا قلت‏:‏ مالك يوم الدين، قال‏:‏ مجدني عبدي‏.‏ والتمجيد‏:‏ التعظيم‏.‏ ونقرأ الفاتحة على أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، لكننا لا نشعر بهذه المعاني العظيمة، لا نشعر أننا نناجي الله سبحانه وتعالى‏.‏

من يشعر بهذا يجد لذة عظيمة للصلاة، ويجد أن قلبه استنار بها، وأنه خرج منها بقلب غير القلب الذي دخل فيها به‏.‏

‏(‏الحمد لله نحمده‏)‏ جملة نحمده‏:‏ جملة فعلية، والحمد لله جملة اسمية، فجاءت الجملة الفعلية بعد الجملة الإسمية لتأكيد تكرار الحمد، كأننا مستمرون على حمد الله عز وجل‏.‏

و‏(‏نستعينه‏)‏ يعني نطلب منه العون على كل شيء من شؤوننا، وكل أمر من أمورنا، وأول ما يدخل في ذلك ما نحن فيه من الصلاة تقول‏:‏ ‏(‏إياك نعبد وإياك نستعين‏)‏ على كل شيء، ومنها أن نستعينك على أداء الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا، وعندما تبدأ بهذه الخطبة، بين يدي الحاجة فإنك تستعين الله تعالى على هذه الخطبة التي ستقولها، وتسأله العون على الحاجة التي افتتحها بهذه الخطبة‏.‏

وفي الحديث‏:‏ عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن‏)‏ ‏.‏ والاستخارة استعانة بالله عز وجل، استعن بالله في كل شيء، إذا أردت أن تقضي حاجتك فاستعن بالله في ذلك، لا تحقرن شيئاً حتى عند الوضوء، عند الخروج إلى المسجد، عند أي عمل، اجعل زادك الاستعانة بالله عز وجل‏.‏

و‏(‏نستغفره‏)‏ نسأله المغفرة، والمغفرة هي ستر الذنب مع التجاوز عنه، هذه المغفرة أن يستر الله عن العباد ذنبك، وأن يعفو عنك هذا الذنب‏.‏

ومعلوم أن الإنسان له ذنوب بينه وبين الله، ذنوب خفية في القلب، وذنوب خفية في الجوارح، لكن لا يعلم بها الناس، أرأيتم لو أن الله كشفها إذن لكانت محنة عظيمة، ولكن من رحمة الله عز وجل أن سترها عن العباد، فأنت تسأل الله أن يغفر لك، أي أن يستر عليك الذنوب، وأن يتجاوز عنها، فانتبه لهذا المعنى‏.‏

أنت عندما تقول‏:‏ أستغفر الله، تسأل الله شيئين‏:‏

الأول‏:‏ ستر الذنب‏.‏

والثاني‏:‏ التجاوز عنه، بحيث لا يعاقبك الله عليه‏.‏

ويدل لهذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إن الله يدني المؤمن، فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول‏:‏ أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا‏؟‏ فيقول‏:‏ نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال‏:‏ سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم‏)‏ ‏.‏

تنبيه‏:‏ نجد في بعض كتب العلماء الذين يبدأونها بهذه الخطبة ‏(‏نستغفره ونتوب إليه‏)‏ ولكن بعد التحري لم نجد في الحديث ‏(‏ونتوب إليه‏)‏ ‏.‏

و‏(‏نعوذ بالله من شرور أنفسنا‏)‏ ‏(‏نعوذ‏)‏ بمعنى‏:‏ نعتصم بالله من شرور أنفسنا، وهل في النفس شر‏؟‏ الجواب‏:‏ نعم، في النفس شر، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏‏.‏ والنفوس ثلاث‏:‏

الأولى‏:‏ نفس شريرة، وهي الأمارة بالسوء‏.‏

الثانية‏:‏ نفس خيّرة، وهي المطمئنة تأمر بالخير‏.‏

الثالثة‏:‏ نفس لوامة، وكلها مذكورة في القرآن‏.‏

فالنفس الشريرة التي تأمر بالسوء مذكورة في سورة يوسف ‏{‏وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏‏.‏ والنفس المطمئنة الخيرة التي تأمر بالخير مذكورة في سورة الفجر ‏{‏يأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِى فِى عِبَادِى * وَادْخُلِى جَنَّتِى‏}‏‏.‏

والنفس اللوامة مذكورة في سورة القيامة ‏{‏لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَمَةِ * وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ‏}‏‏.‏

فهل النفس اللوامة غير النفسين الخيرة والسيئة‏؟‏ أو هي وصف للنفسين‏؟‏

من العلماء من يقول‏:‏ إنها نفس ثالثة‏.‏

ومنهم من يقول‏:‏ بل هي وصف للنفسين السابقتين، فمثلاً‏:‏ النفس الخيرة تلومك إذا عملت سوءاً، أو فرطت في واجب، والنفس الشريرة تلومك إذا فعلت خيراً أو تجنبت محرماً تلومك في ذلك؛ كيف تحجر على نفسك‏؟‏ لماذا لا تتحرر‏؟‏ لماذا لا تنفذ كل ما تريد‏؟‏

وأيًّا كان الأمر سواء كانت نفساً ثالثة، أو هي وصف للنفسين الأمارة بالسوء والمطمئنة، فإن للنفس الشريرة علامة تعرف بها وهي أن تأمرك بالشر، تأمرك بالكذب، تأمرك بالغيبة، تأمرك بالغش، تأمرك بالسرقة، تأمرك بالزنا، تأمرك بشرب الخمر ونحو ذلك، هذه هي النفس الشريرة التي تأمر بالسوء‏.‏

النفس الخيرة بالعكس تأمرك بالخير، بالصلاة، بالذكر، بقراءة القرآن، بالصدقة، بغير ذلك مما يقرب إلى الله‏.‏

ونحن كلنا نجد في نفوسنا مصارعة بين هاتين النفسين، والموفق من عصمه الله ووقاه شر نفسه، ولهذا نقول‏:‏ نعوذ بالله من شرور أنفسنا، فأنفسنا فيها شر إذا لم يعصمك الله عز وجل من شر نفسك هلكت ‏{‏وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏‏.‏

‏(‏ومن سيئات أعمالنا‏)‏ أيضاً الأعمال السيئة لها آثار سيئة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ‏}‏‏.‏ والسيئة تجلب السيئة، وتقود الإنسان إلى السيئة الأخرى، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَسِقُونَ ‏}‏ ولهذا قال العلماء رحمهم الله‏:‏ إن المعاصي بريد الكفر، يعني إذا هانت المعاصي في نفسك، هانت الصغيرة، ثم هانت الكبيرة، ثم هان الكفر في نفسك فكفرت والعياذ بالله‏.‏

ولهذا يجب على الإنسان أول ما يشعر بالمعصية أن يستغفر الله منها، وأن يلجأ إلى الله عز وجل بالإنابة والتوبة، حتى تمحى آثار هذه المعصية وحتى لا يختم على القلب، وحتى لا يصل الإنسان إلى هذه الدرجة، التي أشار الله إليها في قوله‏:‏ ‏{‏كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ‏}‏‏.‏

نسأل الله تعالى أن يصلح لنا ولكم العلانية والسريرة، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‏.‏

* * *

3221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يسن للخطيب أن يكثر من خطبة الحاجة في افتتاح خطب الجمعة، أو ينوع‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأصل أن خطبة الحاجة هي الأفضل، لكن لا حرج أن ينوع، حتى لا يظن الناس أن خطبة الحاجة أمر واجب، ولأنه ربما يمل الناس إذا أخذ يكرر هذه الخطبة في كل جمعة‏.‏

* * *

4221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل ورد في خطبة الحاجة ‏(‏ونستهديه‏)‏ حيث إننا نسمع بعض الناس يقولها‏؟‏ وما صحة الحديث الذي جاء فيه ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به‏)‏‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذان سؤالان في سؤال واحد‏.‏ أما الفقرة الأولى‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏ونستهديه‏)‏ فهي لم ترد في خطبة الحاجة، لكن بعض الناس يزيدها‏.‏

ويقول البعض أيضاً‏:‏ ‏(‏من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشداً‏)‏ ويعدل عن قوله‏:‏ ‏(‏ومن يضلل فلا هادي له‏)‏ وهذا خلاف الوارد في السنة‏.‏ والأمر في هذا واسع إن شاءالله، لكن الوارد أفضل‏.‏

وأما حديث‏:‏ ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به‏)‏ فهو حديث ضعيف، لكن بعض أهل العلم حسنه، وهو في الحقيقة من حيث المعنى صحيح، لأن هوى الإنسان إذا لم يكن تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإيمانه ناقص بلا شك‏.‏

* * *

5221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ذكرتم في تفسير ‏(‏الحمد‏)‏ الوارد في الخطبة أنه وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيماً وإجلالاً‏.‏ فهل يمكن أن نقول بأن تعريف الحمد هو الثناء على الجميل بالجميل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا ليس بصحيح، فالثناء على الجميل بالجميل هو معنى الشكر، ثم إننا أيدنا ما ذكرناه بأن الحمد ليس هو الثناء، بل الثناء تكرار الحمد، أيدناه بالحديث الصحيح الذي ذكرناه أثناء كلامنا على هذا‏.‏

* * *

6221 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ذكرتم خطبة الحاجة، ونحن نسمع أن الذين يعقدون النكاح للناس يبدأون بها النكاح، فهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرأ عند عقد النكاح‏؟‏ وما السر في هذا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا شك أن من أعظم الحوائج حاجة النكاح، فإن حاجة الإنسان إلى النكاح قد تكون مثل حاجته إلى الطعام والشراب، ولهذا يجب على الإنسان إذا كان له أولاد يحتاجون للنكاح وهو غني أن يزوجهم، كما يجب أن ينفق بالطعام والشراب واللباس والمسكن، فإن لم يفعل وقدروا على أخذ شيء من ماله ولو خفية، ليتزوجوا به فلهم ذلك، كما أذن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهند بنت عتبة، حين شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها الذي لا يعطيها ما يكفيها وولدها، قال‏:‏ ‏(‏خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف‏)‏ ‏.‏

فإذا كان النكاح من أعظم حوائج الإنسان، فإنه يسن أن تتقدم هذه الخطبة عند عقد النكاح، ولكن ليست شرطاً، فلو أن رجلاً أراد أن يزوج ابنته، وأتى بشاهدين، وقال للخاطب‏:‏ زوجتك بنتي فلانة، قال‏:‏ قبلت، بدون خطبة‏.‏ لكان جائزاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم زوج الرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها له صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بدون أن تتقدم الخطبة‏.‏

وفي هذه القصة أن امرأة جاءت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت‏:‏ يا رسول الله وهبت نفسي لك، فصعَّد فيها النظر وصوَّبه، ولكنه لم يردها، إلا أنه لحسن خلقه لم يقل لا أريدك وإنما سكت، فقام رجل فقال‏:‏ يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، وهذا من كمال الأدب في الصحابة، فإن الرجل لم يقل‏:‏ مباشرة زوجنيها ولكن قال‏:‏ إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ما تصدقها‏؟‏‏)‏ لأن المرأة لا تحل إلا بصداق، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَفِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ‏}‏‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ما تصدقها‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول الله أصدقها إزاري، وليس عنده إلا إزار‏.‏ ما عنده رداء، قال‏:‏ ‏(‏إن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار، وإن بقي عليك بقيت بدون صداق، التمس ولو خاتماً من حديد‏)‏، فذهب الرجل فالتمس، فلم يجد شيئاً، فقال له صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هل معك شيء من القرآن‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ نعم معي سورة كذا وكذا، قال‏:‏ ‏(‏زوجتكها بما معك من القرآن‏)‏ يعني فعلمها ما معك من القرآن فتزوجها الرجل‏.‏

إذاً فخطبة الحاجة المتقدمة تقرأ عند عقد النكاح على وجه الاستحباب، فلو لم تقرأ وقال أبو الزوجة‏:‏ زوجتك ابنتي فقال الزوج‏:‏ قبلت، صح العقد‏.‏

* * *

7221 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن المناسبات التي تقال فيها هذه الخطبة غير النكاح‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ تقال هذه الخطبة عند كل حاجة، تقال مثلاً في مجلس الصلح، إذا أردت أن تصلح بين اثنين أو بين زوجين، فاقرأ هذه الخطبة، وتقال أيضاً إذا أردت أن تتكلم في الناس بأمر هام، فاجعل هذه الخطبة بين يدي كلامك، وكذلك تقال في خطب الجمعة والعيدين، لأنها مشروعة عند كل أمرٍ هام‏.‏

* * *

8221 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم اعتماد الخطيب على عصا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن احتاج إلى ذلك لضعفه فهو سنة؛ لأن القيام سنة، وما أعان على السنة فهو سنة، أما إذا لم يكن هناك حاجة إلى حمل العصا فلا حاجة إليه‏.‏

* * *

9221 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل من السنة أن يلتفت الخطيب يميناً وشمالاً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا ليس من السنة؛ لأنه إن اتجه يميناً أضر بأهل اليسار، وإن اتجه إلى اليسار أضر بأهل اليمين، والمستحب أن يقصد تلقاء وجهه، ومن التفت إليه من المستمعين فلا حرج لأنه يروى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلونه‏.‏

* * *

0321 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل من السنة أن يحرك الخطيب يديه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا ليس من السنة أيضاً‏.‏

* * *

1321 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ذكر البخاري في كتاب يوم الجمعة حديثاً قال‏:‏ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله‏؟‏ هل يدل ذلك على مشروعية التحول أو الالتفات إلى الإمام حتى ولو كان في طرف الصف‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ معنى ‏(‏نحن حوله‏)‏ أننا نحرص أن نكون قريبين منه، وليس المعنى أنهم يتحوطون عليه، أو يستديرون عليه، وإنما فيه أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، كان يخطب وكانوا يحرصون أن يكونوا قريبين منه، وإلا فهو يخطب الناس وهم على صفوفهم، بل ورد حديث ينهى عن التحلق يوم الجمعة لما في ذلك من التضييق على المصلين في المسجد، وفيه أيضاً ما توهمه السائل من أن المراد أنهم يتحوطون حوله ويتحلقون‏.‏

* * *

2321 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم الالتفات بالرأس للنظر إلى الخطيب في الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الالتفات بالرأس لا بأس، يعني أن ينظر الإنسان إلى الخطيب حال الخطبة هذا لا بأس به، بل هذا طيب، لأنه يشد انتباه الإنسان أكثر، وقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان إذا خطب استقبلوه بوجوههم‏.‏

* * *

3321 سئل فضيلة الشيخ‏:‏ هناك خطيب يكثر في خطبته من قول‏:‏ ‏(‏قال حبيب الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ فما حكم ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب إلى الله ولا شك، ولكن خيرٌ من أن نقول إنه حبيب الله، أن نقول‏:‏ إنه خليل الله؛ لأن الخلة أعلى أنواع المحبة، فإذا وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحبيب نزَّلت من مرتبة الخلة إلى المحبة، فالأولى أن نقول خليل الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً‏)‏، ويدلك على أن الخلة أعلى من المحبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن إخوة الإسلام ومودته‏)‏ ‏.‏

مع أن أبا بكر رضي الله عنه حبيب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أحب الرجال إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعائشة رضي الله عنها حبيبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وزيد بن حارثة رضي الله عنه حبيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسامة بن زيد رضي الله عنه حبيب الرسول عليه الصلاة والسلام، وكل الصحابة رضي الله عنهم أحباء للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لم يتخذ واحداً منهم خليلاً؛ لأن الخلة أعلى أنواع المحبة، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن تكون خلته لله سبحانه وتعالى، ويدل لذلك أيضاَ أن محبة الله للمؤمنين عامة، فالله يحب المؤمنين، ويحب المتقين، ويحب المقسطين، ويحب الصابرين، ولكن لا نعلم أنه اتخذ خليلاً إلا محمداً صلى الله عليه وسلم وإبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبهذا تبين أن الذين يصفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحبة ويدعون الخلة أن فيهم نوعاً من التقصير، وأن الأولى أن يصفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخليل الله، عن حبيب الله‏.‏

* * *

4321 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يشرع رفع اليدين عند الدعاء ومسحهما بعد أداء السنن والرواتب قبل الصلاة وبعدها، وعند دعاء الإمام آخر الخطبة يوم الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا ليس من المشروع أن الإنسان إذا أتم الصلاة رفع يديه ودعا، وإذا كان يريد الدعاء فإن الدعاء في الصلاة أفضل من كونه يدعو بعد أن ينصرف منها، ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حين ذكر التشهد قال‏:‏ ‏(‏ثم ليتخير من المسألة ما شاء‏)‏ ‏.‏

وأما ما يفعله بعض العامة من كونهم كلما صلوا تطوعاً رفعوا أيديهم حتى إن بعضهم تكاد تقول‏:‏ إنه لم يَدْعُ لأنك تراه تقام الصلاة وهو في التشهد من تطوعه فإذا سلم رفع يديه رفعاً كأنه والله أعلم رفع مجرد، ثم مسح وجهه، كل هذا محافظة على هذا الدعاء الذي يظنون أنه مشروع وهو ليس بمشروع‏.‏

فالمحافظة عليه إلى هذا الحد يعتبر من البدع‏.‏

وأما رفع الأيدي والإمام يخطب يوم الجمعة فإن ذلك ليس بمشروع أيضاً، وقد أنكر الصحابة رضي الله عنهم على بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة‏.‏

ولكن يستثنى من ذلك الدعاء بالاستسقاء، فإنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه رفع يديه يدعو الله تعالى بالغيث وهو في خطبة الجمعة، ورفع الناس أيديهم معه، وما عدا ذلك فإنه لا ينبغي رفع اليدين في حال الدعاء في خطبة يوم الجمعة‏.‏

* * *

5321 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم رد السلام، والتأمين على دعاء الخطيب، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حال خطبة الإمام في يوم الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ السلام حال خطبة الجمعة حرام، فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب الجمعة أن يسلم، ورده حرام أيضاً، ووجه كون رده حراماً أنه كلام‏.‏

وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت‏)‏، مع أنك ناه عن منكر، ومع ذلك يلغو، أي يحرم أجر الجمعة‏.‏

وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند ذكره في الخطبة فلا بأس بذلك، لكن بشرط أن لا يجهر به، لئلا يشوش على غيره، أو يمنعه من الإنصات‏.‏

وكذلك التأمين على دعاء الخطيب لا بأس به بدون رفع صوت؛ لأن التأمين دعاء‏.‏

* * *

6321 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم رفع اليدين في دعاء خطبة الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا غير مشروع، ولهذا أنكر الصحابة على بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة‏.‏

ويشرع الرفع في حالين‏:‏ الاستسقاء، وهو طلب نزول الماء، وكذلك طلب رفع المطر‏.‏ ودليل ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه من حديث الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال‏:‏ ‏(‏هلكت الأموال‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم ودعا، وذكر أنس رضي الله عنه أن الرجل جاء في الجمعة التي بعدها وقال‏:‏ يا رسول الله غرق المال، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال‏:‏ ‏(‏اللهم حوالينا ولا علينا‏)‏ إلى آخر الحديث‏.‏

فالخطيب لا يرفع يديه إلا في هذين الموضعين‏.‏ والناس لا يرفعون أيديهم إلا إذا رفع الخطيب يده؛ لأن الصحابة رفعوا أيديهم حين رفع النبي صلى الله عليه وسلم يده‏.‏ ففي حديث أنس رضي الله عنه المتقدم عند البخاري ‏(‏فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون‏)‏ ‏.‏

* * *

7321 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم الدعاء للمسلمين في خطبة الجمعة، والدعاء للأئمة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الدعاء بذلك جائز، وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏للمؤمنين والمؤمنات‏)‏ لكن فيه مقال‏.‏

والدعاء للأئمة حسن؛ لأن صلاحهم من أسباب صلاح الأمة‏.‏

* * *

8321 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم رفع اليدين في دعاء القنوت‏؟‏ وما حكم رفع اليدين حال دعاء الخطيب‏؟‏ وكذلك رفع السبابة عند الدعاء، وعند ذكر الله في الخطبة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أما رفع اليدين في دعاء القنوت فقد رواه البيهقي بإسناد حسن أو صحيح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

وأما رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة فقد أنكره الصحابة رضي الله عنهم على بشر بن مروان حين خطب فرفع يديه في دعاء الخطبة، إلا أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما دخل الأعرابي والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قال‏:‏ يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال‏:‏ ‏(‏اللهم أغثنا، أللهم أغثنا‏)‏، فتبين بهذا أن رفع اليدين في خطبة الجمعة جائز في الاستسقاء، والاستصحاء، وهو طلب الصحو، والناس كانوا قد رفعوا أيديهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حين دعا بالاستسقاء، وهذا دليل على أن المأمومين الذين يستمعون الخطبة يرفعون أيديهم في الدعاء بالاستسقاء فقط‏.‏

وأما إذا دعا الخطيب يوم الجمعة بغير ذلك فإنه لا يرفع يديه، ولا يشرع للمأمومين المستمعين إلى خطبته أن يرفعوا أيديهم أيضاً‏.‏،

وأما رفع السبابة عند الدعاء فهذا ورد في الجلوس للتشهد، وفي الجلوس بين السجدتين، وهو أن الإنسان يشير بإصبعه السبابة يحركها يدعو الله عز وجل بها‏.‏

وكذلك ورد في خطبة الجمعة عند ذكر الله عز وجل، أو عند دعائه في غير الاستسقاء الإشارة بالسبابة‏.‏

وأما ما يفعله بعض العامة إذا مر ذكر اسم الله تعالى في قراءة الإمام رفع اصبعه تعظيماً لله فهذا لا أعلم له أصلاً، والله أعلم‏.‏

* * *

9321 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم الزيادة على الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل‏:‏ ‏(‏رب أجرني من النار‏)‏ فهل يجوز أن يزيد ووالدي وإخواني‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية فالأولى المحافظة فيه على الصيغة الواردة بدون زيادة، ثم بعد ذلك تدعو لمن أحببت‏.‏

* * *